أخبار 2009
أخبار 2010
أخبار 2011
أخبار 2012
أخبار 2013
أخبار 2014
أخبار 2015
أخبار 2016
أخبار 2017
أخبار 2018
أخبار 2019
أخبار 2020
أخبار 2021
أخبار 2022
أخبار 2023
أخبار 2024
السندونولوجيا أو عِلم كفن...
المذخر والقماشة والآثار
ميزات الجسم وميزات القماشة
الكفن إنجيل مرئي
من أورشليم الى تورينو
أبجر عند اوسابيوس القيصري*
أبجر عند الرحالة إجيريا*
أبجر عند الانطاكي*
أبجر عند إبن العبري*
أبجر في السنكسار الماروني*
المنديل عند الأنطاكي*
المنديل عند ابن الأثير*
المنديل عند ابن العبري*
الصلب في التاريخ وعلم الآثار
الصلب في معسكرات الاعتقال...
الصلب في الإسلام
صلب الحسين بن منصور الحلاّج
صلب عين القضاة الهمذاني
صلب عبد تركي في دمشق*
فيلم مِل غيبسون
تقرير بيلاطس البنطي عن يسوع...
أيقونة بيروت العجائبية
رسالة ثيوذورس إنغلس كومنينس
مذكرة بيار دارسي
رواية الراهبات الكلاريات
رسالة سكوندو بيا
رسالة بول كلوديل
السنوات الضائعة
سيرة حياة أرييل أجميان
البدايـــات
تأريخ كفن تورينو بالوسائل...
مسيرة فحص الكربون 14 وكفن...
كفن تورينو في العام 2002
نقد غارلاسكيللي
مقاييس قماشة الكفن ورجل...
تقرير فريق ستارب
نقد تقرير الأو تي في
أعضاء فريق ستارب STURP
رابطة الكفن المقدّس في لبنان
مؤتمرات الكفن العالمية
فريق الكربون 14 الأول*
فريق الكربون 14 الثاني*
المكتبة
المحاضرات
مواقع متصلة
موقف إيجابي غير ملزم
شارل بوروميه
فرنسيس دي سال
سيباستيان فالفريه
تيريز الطفل يسوع
يوحنا بوسكو*
الرهبان السالسيون
سيلفسترس الأول (...-314-335)
غريغوريوس الأول الكبير...
اسطفانس الثاني (...-752-757)
سرجيوس الرابع...
إقليمنضس الثالث...
يوحنا الثاني والعشرون...
يوليوس الثاني...
بيوس السابع (1742-1800-1823)
لاون الثالث عشر...
بيوس الحادي عشر...
بولس السادس (1897-1963-1978)
يوحنا بولس الثاني...
بنديكتس السادس عشر...
فرنسيس (1936-2013-...)
جوزفين وولام*
فرنكا سوزاني
آلام المسيح في العهد القديم
رموز العهد القديم إلى جراح...
وجه الرب في الكتاب المقدس*
معنى الصليب في رسائل العهد...
ماذا رأى يوحنا الرسول في...
الجمل... الزوفى... اللفائف
عمر المسيح يسوع
تقاليد اليهود في دفن موتاهم
صلاة الميناون
حجاب قبر المخلّص الإلهي
دعاء فاسيلو*
أيّها الجُرحُ الفاغِرُ...
درب الصليب (باللبناني)
تـرانـيـم مناسبة
مسبحة الوجه الأقدس والطلبة
صلاة الكردينال سيفيرينو...
صلاة المطران شيزاره نوسيليا
توابع أم ذخائر؟
من أورشليم إلى أرجانتوي*
صلاة أمام القميص المقدس
مؤتمر ومسيرة العام 2011
مسيرة العام 2012
العرض العلني العام 2016
من أورشليم الى كاهور
وصف القلنسوة
صلاة أمام القلنسوة المقدسة
Back صلب الحسين بن منصور الحلاّج
facebook
Twitter
Whatsapp
Print

 لم يعرف تاريخ التصوّف الإسلامي شخصيّة مثيرة للجدل مثل شخصيّة الحسين بن منصور الحلاّج. كَفّره البعض فيما قدّسه آخرون ونسبوا إليه الخوارق. في هذا المقال، نلقي الضوء على شخصيّة فذّة، اختلف حولها أهل الفقه والدين، لكنّها مهمّة بالنسبة إلينا، نظرًا للتشابه القائم بين موت الحلاّج على الصليب وموت المسيح.

 

وُلد الحسين بن منصور العام 857 م في بلاد فارس، فيما العصر العبّاسي يشهد صراعًا محمومًا بين المذاهب والتيارات الدينيّة والسياسيّة. عاش في خلوات الصوفيّة، ثمّ طاف البلدان داعيًا إلى الزهد، ليعود ويستقرّ في بغداد.

 

لُقّب بالحلاّج لكشفه أسرار القلوب (حلاّج الأسرار) ومنهم من قال بسبب مهنة أبيه في حَلج القطن. كتب الكثير، وفي شتّى المواضيع، لكنّه لم يبقَ سوى القليل من كتاباته، تمكّن المستشرق الكبير لويس ماسينيون من جمعها، بعد أن كرّس أكثر من خمسين عامًا يبحث في سيرة حياة هذا المتصوّف المميّز، ومقارنًا بينها وبين حياة المسيح يسوع، بخاصّة في موته على الصليب، ومستنتجًا أنّ حياة الحلاّج وأقواله قريبة من المفهوم المسيحي للألم والفداء والحياة والحبّ الإلهي، لذلك قال عنه إنّه «مسيحيّ بالشوق».

 

رسم يُظهر تنفيذ الإعدام بحق منصور الحلاج
رسم يُظهر تنفيذ الإعدام بحق منصور الحلاج

حذا آخرون حذو ماسينيون، فسمّاه جان شوفالييه «مسيح الإسلام» 1، وأطلق روجيه أرنالديز على دعوته تسمية «دين الصليب»2 ، وبات من الصعب على كلّ من تأمّل في سيرة حياته ومماته ألا يلاحظ أوجه الشبه بينه وبين المسيح.

 

لم يتّخذ الحلاّج التقيّة منهجًا له في حياته الروحيّة والسياسيّة، بل تكلّم بكلّ جرأة، وعانى ما لم يعانه أحد من المتصوفة، فاتّهم واضطهد وسُجن، وعُرض مصلوبًا مرّة أولى لمدّة ثلاثة أيّام، ثمّ بقي ثماني سنوات محبوسًا في بغداد، يقودوه من سجن إلى آخر، إلى أن انتهت حياته في 26 آذار العام 922، بعد أن تمّ جلده، وقُطّعت أعضاؤه، ثمّ صُلب وقُطع رأسه وحُرق جسمه كلّه .

 

لم يهب الحلاّج الموت، وظلّ متماسكًا وقويًا، وبدا كأنّه ينتظره، لا حبًّا بالموت، وإنّما ترسيخًا لدعوته الصوفيّة، ومبدئه القائم على التضحية والمحبّة3. إنّ أساس المحبّة عند الحلاّج هو التضحية، لذلك وجب على الذي يحبّ الآخر أن يضحي من أجله. وكان قد «تنبأ» بموته صلبًا لَمّا قال: «وإن قُتلتُ أو صُلبتُ أو قُطّعت يداي ورجلاي ما رجعتُ عن دعواي»4.

 

لم يأت الحلاّج ليدين، إنّما ليقدّم نفسه ضحيّة عن الآخرين ومن أجل خلاصهم، كما قال: «تُهدى الأضاحي وأهدي مهجتي ودمي»5.

 

فعلى الصليب أهدى الحلاّج «مهجته ودمه»، وعلى الصليب أيضًا طلب المغفرة لقاتليه، لمّا قال: «قد اجتمعوا لقتلي تعصّبًا لدينك، وتقرّبًا إليك، فاغفر لهم، فإنّك لو كشفتَ لهم ما كشفتَ لي لَما فعلوا ما فعلوا»6. وكلام الحلاّج هذا على الصليب يذكّر بما قاله المسيح يسوع على الصليب: «يا أبت اغفر لهم، لأنّهم لا يعلمون ما يفعلون»7.

 

كان الحلاّج على قناعة ذاتيّة في أنّ صلبه وعذابه هما من مشيئة ربّه، وقد خاطبه قائلاً: «فاعفُ عن الخلق ولا تعفُ عنّي، وارحمهم ولا ترحمني، فلا أخاصمك لنفسي، ولا أسائلك بحقّي، فافعل بي ما تريد»8. ودعاؤه هذا يماثل في جوهره ما قاله المسيح لأبيه السماويّ: «يا أبت، إن أمكن الأمر، فلتبتعد عنّي هذه الكأس، ولكن لا كما أنا أشاء، بل كما أنت تشاء»9.

 

حين جيء بالحلاّج ليصلب، ورأى الخشب والمسامير «ضحك كثيرًا حتّى دمعت عيناه»10، ثمّ التفت إلى القوم طالبًا سجادة ليفرشوها له، فصلّى ركعتين وتلا آيات من القرآن. ومع أنّه قال: «ففي دين الصليب يكون موتي، ولا البطحا أريد ولا المدينة»، لكنّ الباحثون في سيرته، بمن فيهم ماسينيون، تبنّوا التأويل الإسلامي لهذا البيت الذي يقول بأنّ مراد الحلاّج هو بأنّه يموت على دين نفسه، فإنّه هو الصليب، وكأنّه قال أنا أموت على دين الإسلام، وأشار إلى أنّه يموت مصلوبًا11.

 

قيل له وهو مصلوب: قل لا إله إلاّ الله. فقال: إنّ بيتًا أنت ساكنه غير محتاج إلى السرج12.

 

هكذا أحبّ الحلاّج ربّه حبًّا صرفًا منزهًا عن أيّة غاية، لا طمعًا في الجنّة ولا خوفًا من الجحيم، ومثله مثل رابعة العدَويّة13 حين قالت: «ربّي، إذا كنتُ أعبدك خوفًا من النار فاحرقني بالجحيم، وإذا كنت أعبدك طمعًا في الجنّة فاحرمنيها، أمّا إذا كنتُ أعبدك من أجلك فحسب، فلا تحرمني يا إلهي وجهك الكريم»14. ولا عجب أن يتبنّى التقليد المسيحي هذا الدعاء، ليستعمله في فعل الندامة بصيغته المختصرة، الذي يقوله التائب بعد استقباله الحلّة من الكاهن المعرّف.

 

عاش الحلاّج حياة كلّها عذاب وقهر، ولكنّه عاشها بملء إرادته ورضاه، وتوّجها بالموت صلبًا وتقطيعًا وحرقًا، فقال عنه جلال الدين الرومي15: «لقد بلغ الحلاّج قمّة الكمال والبطولة كالنسر في طرفة عين».

 

وأهمّ ما في الحلاّج، بالنسبة إلينا، هو ما اكتشفه المستشرق ماسينيون عن وجود بعض ملامح المسيح يسوع، ليس فقط في موته على الصليب، بل في أقواله في التضحية والفداء والمحبّة التي لو لم نعرف صاحبها لكنّا قلنا بأنّها تعود حتمًا إلى أحد الآباء القدّيسين. هذا ما تظهره أيضًا هذه الصلاة التي قالها الحلاّج في سجنه، ليلة إعدامه، ونقلها خادمه الأمين، الذي كان معه في السجن ذاته، والتي تعيد إلى أذهاننا ما قاله المسيح يسوع في صلاته الكهنوتيّة16:

 

نحن شواهدك نلوذ بسنى عزّتك لتبدي ما شئتَ من شأنك ومشيئتك،

 وأنتَ الذي في السماء إلهٌ وفي الأرض إلهٌ،

 تتجلّى لِما تشاء مثل تجلّيك في مشيئتك كأحسن الصورة،

 والصورة فيها الروح الناطقة بالعلم والبيان والقدرة،

 ثمّ أَوعزتَ إلى شاهدك الآني في ذاتكَ الهوى اليسير،

 كيف أنت إذا مثلت بذاتي، عند عقيب كرّاتي، ودعوتَ إلى ذاتي بذاتي،

 وأبديتَ حقائق علومي ومعجزاتي،

 صاعدًا في معارجي إلى عروش أزليّاتي، عند القول من برّياتي،

 إنّي احتُضرتُ وقُتلتُ وصُلبتُ وأُحرقتُ واحتملتُ سافياتي الذاريات ولججت بي الجاريات،

 وإنّ ذرّة مِن يَنجوج(17) مكان هاكول متجلّياتي، لأعظم من الراسيات(18).

 

تحديث آذار ٢٠٢٣

1 Jean Chevalier, Le soufisme ou l’ivresse de Dieu dans la tradition de l’islam, éd. CELT, Paris, 1974.

2 Roger Arnaldez, Hallaj ou la religion de la croix, éd. Plon, Paris, 1964.

3 ديوان الحلاّج، أعدّه وقدّم له عبده وازن، دار الجديد، بيروت، 1998.

4 كتاب الطواسين، لأبي المغيث الحسين بن منصور الحلاّج البيضاوي البغدادي، إعتنى بنشره وتصحيحه وتعليق الحواشي عليه لويس ماسينيون، منشورات أسمار، باريس، 2008، ص 51-52.

5 ديوان الحلاّج، اعتنى بنشره وتصحيحه وتعليق الحواشي عليه لويس ماسينيون، منشورات أسمار، باريس، 2008، ص 137.

6 أخبار الحلاّج أو مناجيات الحلاّج، نشر وتحقيق لويس ماسينيون وبول كراوس، منشورات أسمار، باريس، 2008، ص 8.

7 إنجيل لوقا 23 : 34

8 أخبار الحلاّج، مرجع سابق، ص 68

9 إنجيل متى 26 : 39

10 أخبار الحلاّج، مرجع سابق، ص 7

11 أخبار الحلاّج، مرجع سابق، ص 82-83

12 تاريخ مختصر الدول، للعلاّمة غريعوريوس الملطي المعروف بابن العبري، دار المشرق، لبنان، طبعة رابعة، 2007، ص 156.

13 متصوّفة من البصرة، أدخلت على التصوّف فكرة الحبّ الإلهي بدلاً من الخوف والرهبة. توفيت العام 752 م.

14 العاشقة المتصوفة، رابعة العدوية، وداد السكاكيني، دار طلاس، دمشق، 1989، ص 84-85.

15 شاعر فارسي من كبار الصوفيين وصاحب الطريقة المولويّة (1207-1273).

16 راجع إنجيل يوحنا 17 : 5.

17 اليَنجوج هو العود الذي يُتبخّر به.

18 كتاب الطواسين، مرجع سابق، ص 202-205.

 

Print
Go To Top
متابعة القراءة
Softimpact web design and development company website
© فارس ملكي ٢٠٠٩